ماذا قال البابا في الطائرة من كوبا إلى الولايات المتحدة؟

ماذا قال البابا في الطائرة من كوبا إلى الولايات المتحدة؟
بقلم: أندريا تورنيلي، ترجمة: سامح المدانات
2015/09/24


"تسألونني إذا كنت كاثوليكياً؟ إذا لزم الأمر بإمكاني أن أتلو قانون الإيمان". التقى البابا فرنسيس بالصحفيين على متن الرحلة من سانتياغو بكوبا إلى واشنطن في الولايات المتحدة، وأجاب على الاتهامات الموجهة إليه بأنه "شيوعي" أو حتى أنه "بابا دجال"، بأن "كل شيء قلته موجود في العقيدة الاجتماعية للكنيسة". وفيما يتعلق بالحصار الأمريكي المفروض على كوبا قال: "آمل أن يتم التوصل إلى اتفاق يرضي كلا الطرفين".

ما هو رأيكم حول الحصار المفروض على كوبا؟ ها ستتحدثون عنه في الكونغرس؟

"مشكلة إنهاء الحصار تشكل جزءاً من المفاوضات بين الولايات المتحدة وكوبا. وقد تحدث الرئيسان بخصوص هذا الموضوع. وآمل أن يتم التوصل إلى اتفاق يرضي كلا الطرفين. وفيما يتعلق بموقف الكرسي الرسولي حول الحصار، فقد أعرب الباباوات السابقون عن رأيهم في ذلك، وليس حول هذه القضية فقط. إن العقيدة الاجتماعية للكنيسة تتحدث عن هذا. لن أتكلم في الكونغرس حول هذه القضية بالتحديد، ولكنني سأتكلم بشكل عام عن الاتفاقيات كعلامة تقدمٍ في التعايش المتناغم".

يتحدث البعض عن اعتقال خمسة عشر شخصاً من المنشقين الكوبيينن. هل كنتم ترغبون بمقابلتهم؟ ماذا كنتم ستقولون لهم؟

ليس لدي أي يمعلومات عن الاعتقال. أنا ارغب في مقابلة الجميع، فالكل أبناء الله، وكل لقاء يثرينا. بالطبع لم أكن أرغب بعقد لقاء خاص، وليس فقط مع المنشقين ولكن مع آخرين أيضاً، بما في ذلك رؤساء الدول الذين طلبوا الاجتماع. أعلم أن السفير البابوي قام بإجراء بعض المكالمات الهاتفية مع بعض المعارضين ليخبرهم بأنني سأكون سعيداً بمصافحتهم لدى وصولي الى الكاتدرائية في هافانا. لقد رحبت بالجميع وصافحت الجميع ولكن لم يُعرّف أحد منهم عن نفسه بأنه من المنشقين، ولا أعلم إن كانوا هناك أم لا. لقد صافحت جميع الموجودين، ولو قابلتهم لا أعرف ماذا كنت سأقول لهم. لأني سأقول ما يجول بخاطري في تلك اللحظة.

عندما كان فيدل كاسترو في السلطة عانت الكنيسة بشكل كبير. عندما التقيتموه، هل كان يبدو عليه الندم؟

"التوبة هي شيء خاص جداً، وتتعلق بضمير الشخص نفسه. خلال الاجتماع تحدثنا عن الكهنة اليسوعيين الذين التقى بهم في الماضي، وقد احضرت له كتاباً وCD للأب لورينتي كهدية، وانا متأكد أنه سيُعجب به. أما بخصوص الماضي، فقد تحدثنا فقط عن الرهبنة اليسوعية وكيف أنهم جعلوه يعمل بشكل جاد، كما تحدثنا كثيراً عن الرسالة "ليكن مسبحاً". وقال إنه مهتم جداً في البيئة، وأعرب عن قلقه بخصوص البيئة. لقد كان اجتماعاً عفوياً وغير رسمي".

لقد كان هناك ثلاثة زيارات بابوية إلى كوبا في غضون سنوات قليلة: هل هذا لأنها "تعاني" من نوع ما من المرض؟

"كلا. كانت أول زيارة قام بها البابا يوحنا بولس الثاني، وكانت زيارة تاريخية لكنها كانت زيارة عادية. لقد زار العديد من البلدان التي كانت تضمر العداء تجاه الكنيسة. وقام بالزيارة الثانية البابا بندكتس السادس عشر، وهذه أيضاً كانت زيارة عادية. أما زيارتي فقد حصلت بالصدفة، فقد كان مخططي أصلاً أن أدخل الولايات المتحدة عن طريق الحدود المكسيكية. ولكن الذهاب إلى المكسيك دون زيارة "سيدة غوادالوبي" كان من المستحيل. ثم جاء الإعلان عن (ذوبان الجليد في العلاقات الأمريكية الكوبية،) بعد أن استغرقت العملية ما يقرب من عام كامل. فقلت دعونا نتوقف في كوبا قبل الذهاب إلى الولايات المتحدة. ليس لأنها تعاني من أي "أمراض" نادرة لا تعاني منها الدول الأخرى. وما كنت لأفسر الزيارات الثلاثة بهذه الطريقة. فمثلاً، لقد قمتُ بزيارة البرازيل بينما قام البابا يوحنا بولس الثاني بالذهاب إلى هناك ثلاث أو أربع مرات، لكن هذا لا يعني أنها تعاني من مرض غريب. وأنا مسرور بأني قمت بزيارة كوبا.

هل بإمكان الكنيسة الكاثوليكية أن تفعل شيئاً لمساعدتهم؟

"قامت الكنيسة الكوبية بإعداد قائمة بأسماء السجناء الذين يمكن أن يتم العفو عنهم. وقد تم منح أكثر من 3000 شخص العفو. ويجري النظر في القضايا الأخرى. وقد قال لي شخص ما: سيكون أمراً رائعاً إذا تمكنا من القضاء على عقوبة السجن مدى الحياة! فهي تقريباً مثل عقوبة الإعدام ولكن بشكل آخر، فأنت هناك تموت يوماً بعد يوم دون أمل في الحرية. والإمكانية الأخرى هي أن يُمنح عفو عام كل سنتين أو ثلاثة. وقد قامت الكنيسة بالعمل على ذلك وما زالت. فقد طالبت بمنح العفو وسوف تستمر بالقيام بذلك".

لقد أثارت استنكاراتكم ضد الظلم من النظام الاقتصادي العالمي بعض ردود الفعل الغريبة: فقطاعات المجتمع الأمريكي يسألون انفسهم إذا ما كان البابا كاثوليكياً؟

"أخبرني كاردينال صديق لي، أن سيدة جاءت إليه وهي قلقة جداً، وهي سيدة كاثوليكية ملتزمة جداً، جامدة بعض الشيء ولكنها إمرأة طيبة. وسألته عما إذا كان صحيحاً أن الكتاب المقدس يتحدث عن المسيح الدجال. ثم تساءلت عما إذا كان الكتاب المقدس يتكلم ايضاً عن "البابا الدجال". وعندما سألها لماذا كانت تسأل هذه الأسئلة، أجابت: "أنا على يقين بأن فرنسيس بابا دجال، لأنه لا يرتدي حذاءً أحمراً". أما فيما يتعلق بكوني شيوعياً، فمن المؤكد أنني لم أقل أي شيء لم يرد ذكره في العقيدة الإجتماعية للكنيسة. وأنا من أتباع الكنيسة، ولا أظن أني على خطأ. لربما أني قلت شيئاً جاء قليلاً إلى اليسار، ولكن يكون هذا سوء فهم أو سوء تأويل، وإن لزم فأنا على استعداد لتلاوة قانون الإيمان الكاثوليكي".

في رحلتكم الأخيرة إلى أمريكا اللاتينية كنتم تنتقدون بشدة النظام الرأسمالي. في كوبا كنتم أكثر ليونة على النظام الشيوعي. لماذا؟

"في الخطابات التي ألقيتيها في كوبا كنت أشير دائماً إلى عقيدة الكنيسة الاجتماعية. وكنت واضحاً حول الأمور التي تحتاج إلى تغيير، ولم أتملق في أي شيء. أما بخصوص الرأسمالية الجامحة، فأنا لم أقل أي شيء أكثر مما قلت في رسالتي البابوية "فرح الانجيل" و"كن مسبحاً". كانت رحلتي إلى كوبا رحلة رعوية، وكانت مداخلاتي عظات، وكانت اللغة التي استعملتها رعوية، بينما في الرسالة كان عليّ أن أتعامل مع أشياء وأمور أكثر تقنية.